الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

الليله الثالثة ....قرار من الريس نور ..


الليلة الثالثة

( الريس نور يختار )

 

قرار من الريس نور ..

الريس نور يجعل المعلم حسن يقود ..

 

كانت المركب تشق البحر وهى ترفع مقدمتها لأعلى فى عزة وكبرياء وتتبعها السلام بذات العزة وذات الكبرياء .. سلام الشموخ .. سلام الأقوياء .. وكان البحر يفسح أمامها الطريق وهو ينادى على أمواجه.. أفسحوا الطريق لسيدة البحار وسيدة العالم أجمعين .. فتصطف الأمواج على جانبى المركب وهى تتهادى وترفع راياتها البيضاء التى تنساب على جانبى المركب وخلفها وهى تعلو وتلوح للمركب العظيمة مصر .. وللمركب الذى يسير خلفها الذي يبتسم لهذا التعظيم وهذا الإجلال وهذا السلام ..

وكان ريس مصر والسلام يقف فى مقدمة المركب بسمرته الرقيقة وشعره المجعد والتي تناثرت فيها بعض من شعيرات بيضاء هنا وهناك كتلك الرايات البيضاء التى ترفعها الأمواج وتلوح بها هنا وهناك .. كان الريس نور يبتسم إبتسامة رقيقة كرقة البحر الذى يتهادى أمامه وتتهادى أمواجه فى رقة على جانبى المركب وجانبى الطريق .. وكرقة هواء مصر الذى يداعب وجه الريس ويتناثر عليه بعض حبات من ماء البحر والتي قفزت من البحر لتقبل وجنتيه وتلتصق بهما وترفض أن تعود للبحر ثانية .. نظر الريس نور فوجد الأسماك والدرافيل تجرى أمام المركب وهى تتقافز فى البحر لعلها تقفز هى الأخرى وتقبل وجنتيه .. وكانت درافيل البحر الدرافيل التي لا يعرف عنها في البحر غير أنها درافيل سعادة وفرح وسلام تصيح ياريس ..

يا ريس البحر والبحار والمحيطات يا ريس مصر .. ياريس السلام ..

فيرد عليها الريس .. نعم .. نعم ..

فتصيح نهديك من البحر السلام ..

 فيرد عليها ومصر تهديكم السلام .. وفى بحارها لكم سلام ..

فتصيح يا ريس لقد خضنا في كل البحار ورأينا كل الألوان وعبرنا كل الأطوال .. غضنا في الأحمر والأبيض وعبرنا المتوسط وجلنا في الهندي والعربي ولم نجد كمثل بحاركم جمال ..

فيبتسم الريس نور وهو يلوح بيده .. أدرى .. أدرى ..

فتصيح درافيل البحر .. حتى السماء وزرقة السماء لا نجدها صافية مثلما هى فوق بحاركم .. بحار مصر ..

فيضحك الريس وهو يقول .. وأنا مثلكم لا أرى جمال فى كل العالم كما أرى جمال هذه المياه .. من يخوض فيها في النهار يجد جمال ومن يعبرها فى الليل يجد جمال .. فى السماء عندما تراها بالنهار تجد فيها جمال وفى الليل والنجوم ترصع صدرالسماء جمال والبحر بزرقة مياهه الصافية فى النهار جمال وفى الليل بسمرته وهوائه ونسيمه الجميل جمال ..

الدرافيل .. نحب مياهكم ياريس ونحب مصر .. ونحبك ..

الريس .. وأنا .. وأنا أحبكم لأنكم تحبون مصر ومن أحب مصر أحببته ومن كرهها حاربته ..

الريس للأسماك والدرافيل وكل كائنات البحر ..

اسبحوا في مصر بسلام ..فلكم فيها الأمان والسلام كما كان للأنبياء .. وادعوا كل كائنات البحر وتعالوا إلى هنا .. قولوا لهم أن يهبطوا مصر .. فقد قالها رب العالمين من قبل لرسله ولتقولوها أنتم لكل العالمين .. للطيور التى تحلق وتزغرد فوقنا وللدرافيل والأسماك التى تتراقص حولنا .. نحن السلام ومصر السلام..

الدرافيل وهى تجرى هنا وهناك .. أمرك يا ريس .. ياريس البحر أمرك سلام .. وكلامك سلام .. وتمضى تتقافز هنا وهناك ..

الريس نور وهو يلوح بيديه إليهم .. إمضوا وإنشروا سلامنا إلى العالم .. فمصر أم العالم .. وهى ناشرة السلام .. وهى الحضارة وهى النور الذى يسطع منذ أمد طويل وأنا من مصر .. وسمرتى من شمسها وابتسامتى من نيلها وخبرتى أنى ذقت طميها .. مصر نور وإسمى نور أنا منها وهى منى .. وأنا لها وهى أبدا لم تخنى ..

ويفيق الريس نول على أحد يربت برفق من الخلف فينظر وراءه فيجده المعلم حسن .. مبروك ..

الريس نور وهو يبتسم له .. حسن .. إزيك ياحسن ..

المعلم حسن مبروك .. بخير ياريس طالما أنت بخير ..

الريس نور .. تعالى ياحسن إجلس هنا بجانبي ..

المعلم حسن .. وهو يجلس نعم يا ريس ..

الريس نور ..إنظر ياحسن كم مصر جميلة ..

المعلم حسن .. نعم ياريس .. هى كل الجمال ..

الريس نور .. وهو ينظر فى عين حسن .. تعرف ياحسن لم أعشق أحدا فى حياتى كما عشقتها ..هي التي تشغل خاطري وهى التي في دمى ..

المعلم حسن .. كلنا نعلم ذلك ياريس .. وكل من على المركب يعلم هذا .. ويعلم أنك لاتفكر إلا فينا وفى مصر ..

الريس نور .. أحيانا ياحسن الواحد يباخد قرارات قد تكون قاسية على البحارة بعض الشئ ولكن ياحسن عايزك تعرف إنه لايهمنى إلا مصر ولايهمنى إلا انتم ..

المعلم حسن .. أعرف هذا ياريس ..

الريس نور .. أعرف أنك تعرف هذا .. فأنت بمثابة الإبن لى ورغم فارق السن الذى بينى وبينك إلا أننى إخترتك بجوارى هنا لكى تكمل مسيرة الريس نور .. وتقود مصر من بعدى .. وتقود السلام ..

المعلم حسن .. وقد اكفهر وجهه .. لا .. لا .. ياريس .. أنت ريسى وأنت أبى وأنت معلمى وتلمع الدموع فى عينيه..

الريس نور وهو يربت على كتفيه .. وهو يبتسم .. لا تبك يا حسن .. إسمعنى جيدا .. القائد العظيم هو الذى يختار فى حياته من يقود المركب خلفه .. حتى لاينازع الناس أمرا ويتفرقوا شيعا ويعلنوها حربا ..

المعلم حسن .. لا .. لا .. ياريس ..

الريس نور .. إسمعنى يابنى واسمعنى جيدا .. لا أحد يعلم الغد .. ولا أحد يعلم الساعة القادمة .. إسمعنى وإسمعنى فى كل ما أقوله ..

المعلم حسن .. وهو يستمع وهو ينتبه للريس نور .. ماذا هناك ياريس؟! هل حدث شيء من البحارة ضايقك ؟! قل لى وأنا أعنفه أو أعاقبه ..

الريس نور وهو يمسح دموع حسن .. لاهذا ولا ذاك وأعلم مدى حب البحارة لي ولكن لا تعلم نفس ماذا تكسب غداً ولا تعلم نفس بأي أرض تموت .. فاسمع هذا منى ثم يظهر على وجه الريس نور كل علامات الجدية والتصميم وكل خبرات السنين التى حفرت فى وجهه أخاديد وراء أخاديد ..

المعلم حسن .. وهو ينظر هذه الجدية وهذا الإهتمام فيصغى لقائده ومعلمه وأبيه وأخيه الأكبر .. نعم .. نعم .. يقولها فى كل احترام وأدب ..

الريس نور .. نحن نخوض البحر والبحر اليوم لنا وغدا لا أحد يعلم ؟!..

المعلم حسن .. نعم .. نعم ..

الريس نور .. ودائما ياولدى القائد غير الجنود والريس غير البحارة .. القائد يرى أبعد من الجنود والريس يريد الشط والبحارة لايرون أمامهم سوى البحر ..

المعلم حسن .. ماذا تقصد ياريس؟!

الريس نور .. بمعنى يمكن أن أصدر قرارا يراه البحارة ضدهم.. لأنهم لايرون إلا البحر الذى أمامهم الآن .. ولكنى أرى الشط الذى هناك .. أريدهم بعد أن يأتوا برزقهم أعود بهم إلى عائلاتهم سالمين .. إلى الشط الذين سينزلون من المركب عليه .. إلى الشط الذى سيضعون عليه أقدمهم .. ويعودون إلى دفء عائلاتهم وأزواجهم وأولادهم..

المعلم حسن .. نعم .. نعم .. فهمت ..

الريس نور .. نعم .. هو ذاك يابنى .. إنظر إلى البحارة الآن .. فينظر المعلم حسن فيجدهم يلعبون ويضحكون ..

الريس نور .. نعم هذا هو تفكيرهم .. الآن .. وأنظر إلى الآن ..

المعلم حسن .. وهو ينظر إليه ..

الريس نور.. ستجدني أنظر إلى البحر الذى أمامى والشط الذى سأعود إليه وما سيواجهنى بينهما من مشاكل لاقدر الله .. وترانى أحمل هم كل واحد فيهم .. والذى قد لايحمله هو نفسه لأنه رماها رمى همومه من على كتفه كلها ووضعها على كتفي أيضا كلها .. أنا على كتفى أمانة كل هؤلاء وأمانة مصر وأمانة السلام كل هذا فى عنقى .. وقد خلقنا الله قادة ومرؤوسين هناك قائد يقدر المسئولية وهناك قائد مغامر وآخر لا يقدر مسئولية الشعب الذى معه وأنا يابنى أقدر مسئوليتى وأقدر شعبى وأنظر إلى الله فى كل خطوة أخطوها ..

المعلم حسن .. ونحن نعلم هذا ياريس .. ولذا كلنا مطمئنون ولذا البحارة لا يحملوا هما ويلعبون ..

الريس نور .. نعم .. نعم .. هم لايحملون هما ويلعبون وأنا أحمل همومهم ولا ألعب ولا ألهو ..

المعلم حسن .. عشت لنا أيها القائد ..

الريس نور وهو ينظر إلى المعلم حسن بكل جدية.. لذا يا ولدى لقد اتخذت قرارا أريدك أن تساعدنى فيه ولاتجادلنى ..ولكن قبل أن أقوله لك .. أريدك أن تعرف ياولدى أن أى قرار أتخذه حتى وإن بدا لبعض البحارة وبعض الناس أنه فى غير صالحهم فاعلم ياولدى أنه صالحهم .. ولو بعد حين ..

المعلم حسن .. أعلم سيدى ..

الريس نور .. تذكر هذا ياولدى جيدا ..

المعلم حسن .. أتذكره جيدا ياريس ..

الريس نور .. قله أمامى ثانية

المعلم حسن .. ماذا أقول؟!

الريس نور .. إن أى قرار أتخذه فى صالح مصر..

المعلم حسن .. إن أى قرار تتخذه هو في صالح مصر ..

الريس نور .. ولو بعد حين ..

المعلم حسن .. ولو بعد حين ؟!

الريس نور .. وهو يبتسم لحسن ويربت على كتفه ثانية .. بارك الله فيك ياولدى فإن أباك لم يخطئ عندما سماك حسن ولم يخطئ ثانية عندما سماك مبروك ..

المعلم حسن .. وقد إحمر وجهه خجلا .. أنت ريسى وأنت معلمى و أنت قائدي ..

الريس نور .. وقد عاودته ذات نظرة الجدية وظهرت عظام وجنتيه وهى تعلوها مزيد من الجدية ..

الريس نور .. قلت لك أن القائد ينظر للشط والبحارة تنظر لما هو تحت رجليها .. ولن ينظروا أبعد من البحر ..

المعلم حسن .. نعم .. نعم ..

الريس نور .. لذا أول قرار أتخذه ولن تناقشنى فيه ولن يناقشنى فيه أحد من البحارة ولن أدع أحد يناقشنى فيه .. قد تقول أنها دكتاتورية ولكن أعلم أننى أتخذ كل هذا ياولدى لصالحكم ولصالح مصر ولصالح السلام..

المعلم حسن .. وقد بدا عليه الاضطراب قليلاً .. ما هو ياريس؟!

الريس نور .. أول هذه القرارات أننى قد عينتك هنا نائبى ..نائب الريس نور ..

المعلم حسن .. فى فزع .. ولكن سيدى .. هناك من هم أقدم منى على المركب ؟!..

الريس نور .. إن القيادة لا تؤخذ بالسن يا ولدى ولكن بمن يقود ؟! .. ومن له المقدرة على القيادة؟! ..

المعلم حسن .. ولكن سيدى ؟!..

الريس نور .. لك أن تناقشنى الآن .. وسأدع من يريد أن يناقشنى يناقشنى الآن ولكن بعد الآن لن يناقشني أحد في هذا..

المعلم حسن .. سيدى إن كثيرا من البحارة قد يغضبون لهذا وخصوصا أننا نتعدى هؤلاء الأقدم منا ..

الريس نور .. تعالى ياولدى .. أنظر .. فيتقدم إليه المعلم حسن

 فيأخذ الريس نور بيده ويقول له .. أنظر هذه مصر ثم يشير إلى المركب مصر وأنظر  ويشير إلى المركب السلام وهذا السلام .. لن يقود مصر أحد بعدى إلا أنت ولن يقود السلام إلا أنت .. واختيارى هذا لصالحك وصالح البحارة وفى الأول والآخر صالح مصر .. فاهم ياولدى .. مصر..

المعلم حسن .. أمرك ياريس .. ولكن كيف ستخبر البحارة بهذا ..

الريس نور .. وهو يجلس فى مقدمة المركب..  دع هذا لي .. فهم يحسون منذ زمن أنك الرجل المناسب ورائي ولن يعترضوا على شئ في هذا ..

المعلم حسن .. إذن وماهو القرار الثانى؟!

الريس نور .. وهو يقف وهو يضع يدع على دفة المركب .. أنك ستضع يدك هنا معى وتقود المركب بدلا عنى وأنا هنا بجوارك لكى يتعود البحارة عليك ولكى لايكون الأمر مستغربا لهم بعدى ..

المعلم حسن وهو يصيح عاليا .. أما هذا فلن يكون .. فلن أقود أبدا المركب أبدا فأنت الريس .. ولن أقودها وأنت هنا معى ثم تدمع عينيه ثانية ويبكى .. أنت ريسى ..

الريس نور .. وهو يصيح فيه عالياً هذه المرة .. هذا أمر ياحسن .. فاهم أمر .. (وهذه أول مرة يناديه الريس نور باسم حسن فقط منذ فترة طويلة ولايسبقها بولدى أو ابنى).

المعلم حسن وهو ينظر إلى الريس نور الذى بدت عليه كل نظرات الجدية والحدة والصرامة .. سيدى وريسى ..

الريس نور .. وهو لازال على ذات نظرات الحدة وهو يأمر حسن .. تعالى هنا إلى جانبى وضع يدك على الدفة أمامى وقد هنا معي وأمامي .. وقد أنت وحدك ..

فيتقدم المعلم حسن ,, ويضع يده على الدفة ويقود المركب مع الريس نور .. ثم يسحب الريس نور يده وهو يقول له .. قد أنت وحدك ..

فيقود المعلم حسن المركب بمهارة ..

الريس نور وهو يأتى ويربت على كتفه .. ليس كل من يضع يده على الدفة ريس ياحسن يابنى وأنت تقود المركب رغم صغر سنك مثل قيادتى رغم فارق سنى وخبرتى وسنينى .. تقودها بنفس السلاسة والبساطة والرقة .. وأنا أريدك أن تكمل القيادة بعدى حتى تأتى هذه السلاسة إلى مصر وحتى يمضى السلام ..

المعلم حسن .. ولكن سيدى أبدا لن أكون بخبرتك وذكائك ثم وهو يبتسم ودهائك ..

الريس نور .. وهو يبتسم هو الآخر وهو يربت على كتف المعلم حسن .. لكل مرحلة قائدها ياولدى .. وأنا أريدك مرحلة مابعد الريس نور .. حتى تمضى مصر ويمضى معك السلام ..

المعلم حسن .. وهو لازال يقود برفق وتؤده وسلاسة حتى أن أحدا من البحارة لم يحس أن المعلم حسن أمسك الدفة بدلا من الريس نور ..

وستظل أنت الريس وأنت القائد وأنت النور ..

الريس نور وهو يبتسم .. ابتسامته الرقيقة الحانية .. بوركت ياولدى .. ثم وهو يمسك معه بالدفة .. إسمع ياحسن ياولدى .. إنى أحس أننى أديت أمانتى أمام الله بكل صدق وكل أمانة .. وكما قلت لك قد يضيق  بعض البحارة من بعض القرارات التى آخذها ولكنهم لابد وأنهم سيعلمون أننى أتخذها لأجلهم ولأجل مصر ولأجل السلام ..

المعلم حسن .. وهو يمضى الريس نور .. ياياريس .. لا .. لاتتركنا ..

الريس نور .. إسمع ياولدى .. إن الأمانة التى فى عنقي إن قدر لى أن أتركها فسأتركها لك وأنا نفسى راضية مطمئة .. عليك أنت أن تكملها.. مصر أمانة فى عنقك.. والسلام الذي صنعته بيدي أمانة أن تكمل به المسيرة ..

المعلم حسن .. كيف سيدى تقول هذا وأنت ريس مصر .. وصانع السلام ..

الريس نور .. أقول هذا لأنى أحس  أن هذه الرحلة هي آخر رحلاتي وأريد أن سأموت فى سلام ومن أجل السلام ..

المعلم حسن .. سيدى .. سيدى

الريس نور .. و كتبها يا ولدى أكتبها على قبري .. رجل عاش من أجل مصر والسلام  ومات من أجل مصر والسلام ..

المعلم حسن .. عشت لنا ريسنا ..

الريس نور .. وهو يمسك بيد حسن ويضعها ثانية على الدفة .. قد مصر ياحسن قدها ويأخذ بيده تحت يديه ويقودا مصر سويا وهو يقول يد الله فوق أيدينا ولدى يد الله فوق أيدينا ..

أحد البحارة .. وهو يأتى وشاهد الريس حسن والمعلم حسن وهما يقودان المركب مصر .. فيكبر عاليا .. الله أكبر .. الله أكبر المعلم حسن يقود مع الريس نور مصر ..

الريس نور وهو يبتسم للمعلم حسن ويقول له.. ألم أقل لك أنهم لن يعترضوا عليك ؟!.. لن يعترضوا أنك ستقودهم بعدى؟! ..

المعلم حسن .. بل لأنهم يعرفون الريس نور ويقدرون كلامه واختياره ..

الريس نور.. ويعرفون المعلم مبروك أيضا ياولدى .. قد مصر ياولدى وقد السلام من بعدى قد ولاتخف وقل بسم الله مرسيها ومجريها ..

فيقول المعلم حسن مبروك بسم الله الرحمن الرحيم مرسيها ومجريها ويقود مصر ويقود السلام ..

يبتسم الريس نور ويتكئ على أحد كراسى المركب التى بجواره الآن إسترحت وينظر إلى السماء وهو يقول اللهم أنى بلغت الأمانة اللهم فاشهد..

البحارة وهو يغنون ياريس البحر ياريسنا ..

المعلم حسن .. إنه يغنون لك ياريس ..

الريس وهو يضحك .. إنهم فرحين أننى اخترتك ..

ثم يشعل غليونه ويأخذ نفسا عميقا مستريحا .. ويجلس ينظر إلى البحر .. بذات العيون التى تفكر وتصمت وتفكر وتصمت وهو يدخن ويدخن ..

وهو يقول فى نفسه الآن إطمأننت .. آه يامصر .. لكم تشغلينى .. حتى بعد موتى تشغلينى .. سأذهب إلى الله وإن فتح قلبى .. سيجد فى كل غرفة كلمة مصر .. وإن نظر إلى دمى سيجد فى كل قطرة كلمة أحبك يامصر .. وإن سألنى بعد الشهادة من أحببت سأقول مصر .. مصر .. مصر ..


فكأنما سمعت السماء كلماته وهو لازال يشعل غليونه ويطلق دخانه ولازالت عيونه الصامتة تنظر إلى البحر وفكره فى مصر يملأ العقل كأنما سمعته وهو يقول بحبك يامصر فيدوى صوت غناء في المركب عالي عالي وهو يقول .. بحبك يامصر .. بحبك يا مصر ..

فيبتسم الريس نور وهو يشعل غليونه ويبتسم ويرجع فى الكرسى الذى يجلس عليه إلى الوراء وهو يقول وأنا بحبك قوى .. قوى .. يامصر ..

وتنطلق مصر تمشى فى دلال ..

وتمخر البحار فى كبرياء والبحر يوسع الطريق أمامها والأمواج تصطف براياتها البيضاء على جانبيها وأضواء الكون الأرجوانية تصيح مع الصوت عاليا .. عاليا ..

بحبك يامصر .. بحبك يامصر..

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق